top of page

تقرير عن وضع الاحتلال

مقدمة

  • acri-rights
  • 28 نوفمبر
  • 4 دقيقة قراءة

تاريخ التحديث: 3 ديسمبر

هذا التقرير الثالث للمنصة، والذي يغطي العام ال 58 من الاحتلال، يتم نشره بعد عامين من مذبحة السابع من أكتوبر، وهو يلخص سنتَي حرب الخراب التي خاضتها إسرائيل في غزة على أثر ذلك، ويلخص أيضاً الخروقات الصعبة لحقوق الإنسان وللقانون الدولي في عموم المناطق الفلسطينية خلال السنتين الأخيرتين.


التقرير مقدم من ثلاثة عشر منظمة حقوق إنسان تعمل في إسرائيل. منذ سنوات عديدة، تقوم هذه التنظيمات بالعمل والتوثيق وإجراء التحقيقات في المناطق المحتلة، إيماناً منها بأن حقوق الإنسان هي حقوق عالمية للأشخاص من كل الأجناس أيّ كانوا، وبأن سياسة الإحتلال، التي هي غير قانونية وغير أخلاقية بحد ذاتها، قد أدت بدورها لخروقات واسعة جداً لحقوق الإنسان، لإنتهاك قواعد القضاء الإنساني الدولي ولتعميق الأبرتهايد، وبأن القتال في غزة قد جرى في انتهاك لقوانين الحرب، لدرجة ارتكاب جرائم حرب بل جرائم ضد الإنسانية.


لقد غيّرت أحداث مجزرة السابع من أكتوبر والأحداث الدرامية التي تلتها، واقع الحياة في إسرائيل لدرجة أنه لا يمكن التعرف عليه، وقد زعزعت الشعور بالأمان لدى المجتمع برمّته.


سمح هذا الواقع القاسي بتصعيد كبير لسلسلة من الممارسات الباطلة التي اتبعتها إسرائيل قبل الحرب، وأصبحت الآن إعتيادية وبأحجام غير مسبوقة. من بينها: القتل واسع النطاق للمدنيين والمدنيات - خاصة الأطفال وكبار السن؛ التدمير الهائل للمنازل والأحياء والبنى التحتية، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من الغزيين وتركهم مشردين دون مأوى، لا يستطيعون الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل المياه والمأوى؛ الإستخدام الواسع للفلسطينيين كدروع بشرية من خلال استغلالهم وتعريضهم للخطر وسلب حريتهم؛ والتدهور الشديد في أوضاع المعتقلين المعرّفين كسجناء "أمنيين"، خاصة التنفيذ الصارم لقانون سجن المقاتلين غير الشرعيين، والذي أدى تعديله الأخير إلى تقليص أكبر في قدرة الإشراف عليه وتقييد تنفيذه. أما في الضفة الغربية فلوحظ الإرتفاع الحاد في عنف المستوطنين وتسريع طرد مجتمعات سكانية فلسطينية، في غياب تطبيق القانون من قبل السلطات، إلى جانب الإستخدام المتزايد لأدوات بيروقراطية بغية خلق واقع من الضم وتشديد التقييدات على الحركة وحرمان السكان من بيوتهم في الضفة الغربية وشرقي القدس. بالتوازي، تعاظمت جهود الحكومة لتقليص مساحة الإحتجاج المدني – المس بحرية التعبير والحق بالتظاهر، وبقدرة منظمات العمل المدني على البقاء والعمل وإسماع النقد، وكل هذا يزداد سوءاً في المجتمع العربي داخل إسرائيل. 


إلى جانب هذا كلّه، تكشفت أمامنا ممارسات جديدة، وخطيرة، كانت لتعتبر في سنوات سابقة ضرباً من الخيال. على رأسها: خلق مجاعة جماعية في غزة وأزمة إنسانية من الأصعب في العالم، وذلك من خلال إبادة البنى التحتية لإنتاج الغذاء المحلي ومنع دخول الأغذية والمساعدات الطبية والمساعدات الإنسانية الأساسية الأخرى – ثم لاحقاً أيضاً إلحاق الأذى بآلاف طالبي المساعدات عند مراكز توزيع الأغذية في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل؛ الهجمات على المستشفيات وقتل واعتقال أفراد طواقم طبية، طواقم الإنقاذ والمساعدة؛ وكذلك العنف والتنكيل الهائلين المنفلتين دون رسن ضد السجناء وبشكل ممنهج، لدرجة التسبب بأضرار لا رجعة فيها، الحرمان من العلاج الطبي أو إعطاء علاجات لا تستوفي قواعد الأخلاق الطبية، وحتى حصول العشرات والعشرات من الوفيات في الحجز.


وبينما قلّص اتفاق وقف النار من قوة الإصابات في صفوف الفلسطينيين بغزة، تثير معاينة واقع الإحتلال في السنوات الأخيرة قلقاً عميقاً: إستمرار الإحتلال، القتل والعنف الشديد ضد الفلسطينيين، زعزعة بقوة أكبر للقِيَم الأساسية التي سبق وتزعزت في الماضي: قدسية الحياة، حقوق الإنسان لكل إنسان، واجب الإنصياع لقانون وأحكام الحرب، وتحمّل مسؤولية خرقها – كلّها قد تضررت وبشدة. هذا الضرر لن يُشفى بدون إجراء تحقيق، وبدون الإعتراف وتحمّل المسؤولية. حيث ومن أجل إنهاء الحرب والتقدم نحو الشفاء وإعادة الإعمار والهدوء في المنطقة، يتوجب على الأطراف احترام الإتفاق وواجباتها بمقتضى القانون الدولي والإمتناع عن إلحاق المزيد من الضرر بالمدنيين. من جانب إسرائيل، عليها أن تسمح فوراً بإدخال الأغذية والمساعدات بالكميات والوتيرة المطلوبة، أن تسمح بإجلاء آلاف المرضى والجرحى الذين يحتاجون ذلك، إجلاءهم للرعاية الطبية خارج القطاع، خاصة إلى الضفة الغربية، فتح المعابر وإتاحة حركة المدنيين والبضائع وعمّال المساعدات، إتاحة إعادة تأهيل البنى التحتية وإتاحة تجديد البناء في القطاع والإنسحاب، عبر التنسيق الدولي المطلوب، من المناطق التي تسيطر عليها الآن. كما ويسري على إسرائيل واجب التحقيق بشجاعة ونزاهة في أفعالها خلال سنتي الحرب، الإعتراف بجرائم الحرب وانتهاكات القانون، ثم استخلاص العِبر المطلوبة.


إنّ الخطاب العام حول مظالم وموبقات الإحتلال وحول الجرائم الخطيرة الملازمة له، ناقص في أحسن الأحوال، وفي العديد من الحالات عنيف وشرس. أمّا الجرائم فتكاد لا يُحقق فيها من قبل أجهزة إنفاذ القانون، عسكرية كانت أو مدنية. وفي غياب الرد المنظوماتي القاطع، لا مانع من تصاعد هذه الممارسات وهذه الأفعال، والدليل – مواصلة تدمير البنى التحتية والمباني في غزة أيضاً خلال وقف النار، وكذلك العنف المستشري في الضفة الغربية، دون وجود من يوقفها.


إنّ المعلومات الواردة في هذا التقرير، والتي تم جمعها والتحقق منها ومن تقاطعها بجهود كبيرة وبعمل دؤوب، ليست سهلة للقراءة أو للهضم. مع ذلك، نأمل أن تتعمقوا فيها – وأن تنضموا إلينا في الدعوة للتحرك وإصلاح المظالم التي يكشف عنها.

يأتي الذكر في هذا التقرير على الإتجاهات والمناحي الرئيسية في مجالات تخصص المنظمات الشريكة. ولضيق المجال، نحن لا ندّعي تفصيل جميع انتهاكات الحقوق التي يتم تنفيذها بأسم دولة إسرائيل ضد السكان الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية وشرقي القدس. كما ان التقرير لا يتضمن التحليل القضائي، بل يكتفي بذكر القانون الإسرائيلي والقانون الدولي، ويوجه لمنشورات المنظمات بغية القراءة الأعمق حول مختلف المواضيع. 


بحكم تعريفه، يتناول التقرير فقط خروقات حقوق الإنسان المتعلقة بالإحتلال وبالنضال المدني في إسرائيل ضده. إنّ الخروقات الأخرى للحقوق في إسرائيل أو خارجها، على يد دولة إسرائيل أو أي جهة أخرى، تستحق طبعاً التطرق إليها في تقارير أخرى.



 
 
bottom of page