عنف وطرد يمارسه المستوطنون
- acri-rights
- Nov 24
- 5 min read
Updated: Dec 3
عنف المستوطنين – معطيات واتجاهات
في السنوات 2023-2025، طرأ ارتفاع حاد على حوادث العنف الممارس من قبل مدنيين إسرائيليين، غالبيتهم أو جميعهم من سكان المستوطنات اليهودية، ضد الفلسطينيين والممتلكات الفلسطينية في الضفة الغربية (عنف المستوطنين). إنّ ارتفاع وتيرة وقوة العنف أمر محسوس منذ بداية العام 2023، وقد ازداد أكثر فأكثر منذ اندلاع الحرب. كما أن إقامة العشرات العديدة من البؤر-المزارع في أرجاء الضفة قد زادت كثيراً من ممارسات العنف ضد تجمعات سكانية فلسطينية تعيش بجوار هذه البؤر.
بحسب معطيات الأمم المتحدة، من كانون الثاني يناير 2024 وحتى أيلول سبتمبر 2025، تم توثيق 2،660 هجوماً من المستوطنين على سكان فلسطينيين انتهى بإصابات جسدية للفلسطينيين أو بإلحاق الضرر بممتلكاتهم. في أيلول سبتمبر لوحده، تم التبليغ عن 142 هجوماً من المستوطنين انتهى بإصابة الفلسطينيين أو بإلحاق الضرر بممتلكاتهم. للمقارنة، في سنة 2020 كلّها، تم التبليغ عن 379 هجوماً أدى لإصابة الفلسطينيين أو إلحاق الضرر بممتلكاتهم، في 2021، تم التبليغ عن 532 هجوماً وفي 2022 عن 852 هجوماً. كما أن معطيات المنظومة الأمنية، التي رغم كونها أقل من معطيات الأمم المتحدة، تدل على الإرتفاع الحاد والمتتالي لعنف المستوطنين.
في السنة الأخيرة، وخصوصاً في الأشهر الأخيرة، ازدادت عمليات الإضرار بالأراضي الزراعية، وهي عمليات كانت منتشرة من قبل. على مدار السنة، ومن بين ما تم توثيقه، كان هناك عشرات الحالات التي جرى فيها ذبح أو سرقة قطعان الماشية، تخريب وقلع آلاف أشجار الزيتون، كما جرى تخريب أو مصادرة أو سرقة معدّات ضخ المياه.
تتميز فترة قطف الزيتون بالعديد من الهجمات العنيفة على القاطفين وبتخريب أشجار الزيتون. في شهر أكتوبر 2025، جرى توثيق الرقم الأعلى من الهجمات حيث بلغت 126 هجوماً، في 70 بلدة وقرية. جُرح عشرات الفلسطينيين وتم تخريب حوالي 4000 شجرة وشتلة زيتون. كما وبلّغت الأمم المتحدة عن أن المستوطنين في البؤر الجديدة منعوا الفلسطينيين من الوصول إلى كروم الزيتون خاصتهم، في مناطق لم يكن الفلاحون بحاجة سابقاً لتصريح من الجيش.
المستوطنون يلحقون الضرر أيضاً بإمدادات المياه المنتظمة للبلدات الفلسطينية ولعشرات آلاف البيوت. على سبيل المثال، أصاب المستوطنون بنى تحتية تزود المياه لحوالي 100،000 من السكان الفلسطينيين في قرى منطقة رام الله، في آب أغسطس 2025، قاطعين السكان من مياه جارية. بالإضافة للأضرار المنهجية الهائلة التي طالت مرافق ومعدّات ضخ ونقل المياه، وحتى تخريب كاميرات الحراسة الموضوعة في مواقع الضخ، وهناك أحياناً عمليات تنكيل وأذى جسدي بالفرق الفلسطينية التي تأتي لإصلاحها.
بحسب معطيات منظمة "ييش دين"، يمكن الإشارة إلى مَنحيين مقلقين بشكل خاص يميزان الفترة منذ أكتوبر 2023:
الإقتحامات العنيفة والمنظمة للبلدات الفلسطينية: طرأ ارتفاع في عدد الهجمات التي يقوم بها المستوطنون داخل القرى والبلدات الفلسطينية، بما في ذلك حوادث الشغب الجماعية من قبل المستوطنين. منذ أكتوبر 2023، جرى الهجوم على 25 قرية فلسطينية على الأقل في الضفة الغربية، بعضها لأكثر من مرة، وبشكل منظم تبادر إليه مجموعات كبيرة من المستوطنين، حيث وصل مرتكبو أعمال الشغب الإسرائيليون، وبعضهم مسلحون، بهدف مكشوف هو إلحاق الأذى بالسكان هناك وبممتلكاتهم.
الإرتفاع في عدد القتلى الفلسطينيين نتيجة عنف المستوطنين: منذ أكتوبر 2023 وحتى منتصف أكتوبر 2025، هناك على الأقل 33 فلسطينياً قد قُتلوا بحوادث عنف قام بها المستوطنون – بعضهم قُتل مباشرة على يد مستوطنين، وآخرون قُتلوا برصاص قوات الأمن الإسرائيلي خلال أحداث بدأت بعنف أو بعمل بادر إليه المستوطنون. مما نعلمه وحتى موعد كتابة هذا التقرير، لم يتم تقديم أيّ من المستوطنين الذين تسببوا بموت فلسطينيين للمحاكمة.
عنف المستوطنين برعاية الدولة
في حين يتصاعد عنف المستوطنين بالضفة الغربية من حيث حجمه وخطورته، تمتنع قوات الأمن بأغلب الحالات عن القيام بواجبها لإيقاف هذا العنف. في العديد من الحالات حيث تتواجد القوات في مكان الحدث بالوقت ذاته، يقف الجنود والضباط متفرجين ولا يمنعون أعمال العنف. وأحياناً، يحرسون مرتكبي أعمال الشغب بل وينضمون إليهم، خاصة بإطلاق النار الحية على الفلسطينيين. أمّا محاولات استدعاء الشرطة وقوات الأمن فتلقى المراوغات أو الرفض الواضح للحضور.
قوات الدفاع المكاني (هغمار) التي تم تجنيدها من المستوطنات نفسها بغية توفير الحماية للسكان اليهود بالضفة منذ هجوم حماس على بلدات غلاف غزة، والآلاف من قطع السلاح التي وزّعها الجيش لهذا الغرض، أثّرت بشكل كبير على واقع الضفة منذ ذلك الحين، وكذلك الأمر بالنسبة للتوزيع المتهاون للأسلحة من قبل وزارة الأمن القومي بمبادرة الوزير بن غفير. بالإضافة لتزايد عدد حالات التهديد والمهاجمة، تم توثيق العديد من الحالات التي كان فيها المعتدي يرتدي الزي العسكري و/أو يستخدم أسلحة تابعة للمنظومة الأمنية، قد يكون مجنَّداً في الخدمة الفعلية، أو مجنَّداً لكنه في إجازة من الخدمة الفعلية، أو ليس مجنَّداً وقت الهجوم ولكنه مسلح بسلاح تلقّاه ضمن إطار قوة التدخل السريع في المستوطنات.
على مدار عقود، كانت تفيد شهادات الجنود الذين يخدمون في الضفة بأنهم لا يتلقون الإرشاد والتوجيه بخصوص صلاحياتهم وواجبهم القانوني بتوقيف المستوطنين العنيفين ومنعهم من الإساءة للفلسطينيين وللممتلكات وللأراضي الفلسطينية.
بحسب ما يتبيّن من فحص أجرته منظمة "ييش دين"، فإنّ عنف المستوطنين يجري بظل حصانة مطلقة تقريباً أمام القانون: تحقيقات الشرطة بخصوص عنف المستوطنين غير مبالية ومستهترة بشكل ممنهج، وفي غالبيتها المطلقة (حوالي 94% من الملفات) لا تؤدي للوائح اتهام. بالإضافة لذلك ومنذ تعيينه وزيراً للأمن القومي، إتمار بن غفير الذي ينكر وجود عنف من قبل المستوطنين، أدار سياسة عدم إنفاذ من قبل الشرطة. ونتيجة للسياسة المعلنة من قبل الحكومة والشرطة، هبطت ثقة المتضررين الفلسطينيين من هذه المخالفات، في سلطات إنفاذ القانون الإسرائيلية إلى أدنى مستوى. في العام 2024، تخلّى 66% من المتضررين الفلسطينيين جراء هذه المخالفات، عن حقهم في تقديم شكوى ضد إسرائيليين ألحقوا بهم الضرر.
في الخلاصة، يدل امتناع الجيش عن إيقاف اقتحامات المستوطنين لأراضي وبلدات الفلسطينيين، إلى جانب سياسة نقص الإنفاذ من قبل شرطة "شاي" والنيابة العامة والجهاز القضائي، وكذلك غياب إجراءات التحقيق والإستنفاد الفعال للقانون، والإسناد الذي يحظى به المستوطنون العنيفون من وزراء وأعضاء كنيست، كل ذلك يدل على أن الدولة تقوم فعلياً بمساندة عنف المستوطنين.
لقراءة أوسع عن الموضوع، راجعوا:
شهادة الناشط يونتان بوليك في مقالة لصحيفة "هآريتس": موجة عنف غير مسبوق يجتاح الضفة في الأسبوعين الأخيرين، 23.10.2025.
معطيات متابعة لمنظمة "ييش دين"، 2005-2024: إنفاذ القانون على مواطنين إسرائيليين في الضفة الغربية (عنف المستوطنين)، 20 سنة من العنف.
تهجير تجمعات الرعاة الفلسطينيين والتطهير العرقي
يعيش في أنحاء الضفة الكثير من الرعاة الفلسطينيين ضمن تجمعات تعيش على رعي الماشية والزراعة. إبتداءً من تموز يوليو 2022، وخاصة منذ اندلاع الحرب في السابع من تشرين الأول أكتوبر 2023، جرى تهجير العشرات من هذه التجمعات من أماكن سكناها الدائم ومن أراضيها، أو أن سكانها على وشك التهجير، نتيجة لعنف المستوطنين وفي غياب الحماية والمساعدة من جانب السلطات الإسرائيلية.
بحسب معطيات "بتسيلم"، منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى أوائل أكتوبر 2025، تم تهجير 44 تجمعاً بأكمله وجُرّد سكانه من أراضيهم، ومن 10 تجمعات أخرى تم تهجير بعض العائلات. في المجمل، طُرد 2،932 شخصاً، من بينهم 1،326 طفلاً.
من تقرير مشترك لجمعية "ييش دين" و"أطباء لحقوق الإنسان" يظهر نهج عمل يشمل مجموعة من الوسائل المدموجة بعضها ببعض: تطويق التجمعات السكنية بواسطة بؤر غير قانونية، وعنف منهجي متواصل من قبل المستوطنين يشمل الهجمات الجسدية، التهديدات، سرقة وإيذاء قطعان الماشية والممتلكات، وسد طرق الوصول لأراضي الرعي ومصادر المياه والموارد الحيوية. تجري هذه الأعمال بينما تغض الدولة الطرف وأحياناً بمساعدتها – حيث يتم إصدار وتنفيذ أوامر هدم بحجة "البناء غير القانوني" ضد عائلات تعيش ضمن تجمعات أقيمت بجوارها البؤر الإستيطانية، أو تتم مصادرة ممتلكاتها. ما زال عدد من الإجراءات القضائية التي تطالب بحماية تجمعات الرعاة، معلّقاً وعالقاً في الأروقة القضائية، بينما تستمر الإساءات ويستمر الطرد.
يتناقض النقل القسري للفلسطينيين، والذي شرحناه هنا، مع القانون الدولي ويشكّل جريمة حرب. كما أن الإنخراط العميق للدولة التي لا تمنع إقامة البؤر والممارسات العنيفة ضد تجمعات الرعاة، توفر الحماية والخدمات لمستوطني البؤر بل وتهدم البيوت والمباني التابعة للفلسطينيين بعنوان "البناء غير القانوني"، ناهيك عن منهجية الممارسات وتكرارها في أماكن مختلفة، يدل كلّه على تطبيق ممارسات تطهير عرقي في مناطق معيّنة من الضفة الغربية.
لقراءة أوسع، راجعوا تقرير "ييش دين" و"أطباء لحقوق الإنسان": تجمعات سكانية مهجرة وأناس منسيون – النقل القسري للفلسطينيين بالضفة الغربية على يد إسرائيل، آذار مارس 2025.

